جرائمٌ تمارسُ بصمتٍ من غير تبليغ الرأيّ العام. تتعرضُ العديدُ منَ الفتياتِ للإساءةِ بكافةِ أنواعها و أشكالها. فكيف يمكنُ لفتاةٍ لم تتجاوز الثامنة عشرة من عمرها أن تصبِحَ زوجةً و أمّاً تربي أطفالا وهي لم تتعلّم أُصولَ الترّبية بعد!
إنّها طفلةٌ لم تغادرْ عالم الطفولةِ.
ثُريّا، طفلةٌ لا تذكر من سنواتها الخمسة عشر إلّا الصُّراخَ وسوءِ المعاملةِ وياليتها لم تولد، فقد كَبرت ولقبها نحسُ العائلة. فوالداها، كانوا قساةَ القلبِ وكانوا لا يطيقوا وجودَ ثُريّا في المنزل، فكانت أمُّها تخاطبها قائلة: ”أنا شو جابرني أتحمّلك، ما بدنا إياكي يا نحسه“. كانت تحاولُ جاهدةً عدم الاكتراثِ والتّظاهرِ بعدمِ الإحساسِ رغمَ أنّها محطمةً وبائسةً من شدّةِ التّعنيفِ، فقلبُها يبكي لأنّه ما يزالُ ينكسرُ. كانت تنتظرُ اللّيلَ بشدّةٍ لتبكي وتُخرج عواطفها وحُزنِها الصّامت.
وفي ليلةٍ ظلماء، جاءها الخبرُ النّحس بأنّ غدا هو يومِ عرسها دون سابق إنذار ولا سؤال ولا جواب. شعرت بأنّها خَروف ذاهب إلى الذّبح. من وضعٍ نِحس إلى وضعٍ أنحس.
قالت ثُريّا: ماما..بابا..ليش بدكم تعملوا هيك..أنا إيش عملت عشان تتخلّصوا منّي بهادي السّهولة؟أنا بنتكم ليش ما بتحبوني؟
قال الأب: أنا بعاني من ضائقة ماليّة وما بقدر أصرف عليكي…هادا الحلّ المناسب عشان أخلص منك.
انهمرت الدّموع من عينيّ ثُريّا المليئةِ بالأسى على الطُفولةِ المهدورةِ وبعد بكائها، قالت أمّها: شفتي ليش ما بدنا إياكي يا نحسة، بس بتضلّك تبكي، ما بتساعديني بشغل البيت وما في منّك فايدة.
صرخت ثُريّا قائلة: ممكن أعرف ليش بتكرهوني؟
قالت الأمّ: لأنّي ما بدّي كمان بنات وانتي اجيتي يا نحسة
القدر مكتوب، فتزوّجت أبو صالح البقّال الأرمل من شهرَ تقريبا والّذي يبلغ من العمرِ خمسون عاما. أبناؤه في نفس عمر ثُريّا. بعد أسبوع من الزّواج، كشفت العائلةُ عن أنيابِها وبدأت رحلة عذابِ ثُريّا. فأصبحت خادمةُ الكبيرِ والصّغيرِ في عائلةِ أبي صالح. تبيّن لاحقا أنّ ثُريّا حامل، فهي في شهرها الخامسُ وازداد مع ذلك الخبر، حقدُ أبناء أبي صالح وزوجاتهم على ثُريّا والمولود المنتظر الّذي سيتقاسمون معه الميراث. ولِأوّل مرّةٍ ترى والداها يبتسمانِ في وجهها. دقّ جرسُ البابِ وإذا بشخصٍ يقولُ هذهِ هدايا العروس وأنّ الشّيخ سيحضُر في تمامِ السّاعةِ الواحدة ظهراً لكتبِ الكتاب.
القدر مكتوب، فتزوّجت أبو صالح البقّال الأرمل من شهر تقريبا والّذي يبلغ من العمرِ خمسون عامًا. أبناءه في نفس عمر ثُريّا. بعد أسبوع من الزواج، كشرت العائلةُ عن انيابِها وبدأت رحلتُ عذابِ ثُريّا. فأصبحت خادمةُ الكبيرِ و الصغيرِ في عائلةِ أبي صالح. تبين لاحقا أنّ ثُريّا حامل، فهي في شهرها الخامسُ وازداد مع ذلك الخبر، حقدُ أبناء أبي صالح وزوجاتهم على ثُريّا والمولود المنتظر الّذي سيتقاسمون معه الميراث.