كنت كلّما أفتح ستائر نافذة غرفتي، أرى الأشجار الخضراء، وأتنفّس الهواء المنعش، وأسمع جارتنا (أم فهد) تصبّح على أمّي وهي تنشر الغسيل كلّ صباح، أمّا الآن أفتح ستائر نافذة غرفتي أرى لا شيء بل أشّعة الغربة تعميني، وأشعر بالوحدة بهذا المكان، و كم من المرّات عاد لي الحنين لنسمات هواء بلادي، وكيف أنسى ذكريات لا تفارق ذهني: حينما كنت ألعب مع أبناء جيراني في حارتنا القديمة ولا أشبع من مذاق المرح معهم، وفطائر الزّعتر الشّهيّة الّتي كانت تخبزها جدّتي، وذهابي إلى المدرسة كان من أجمل الطّرق الّتي عبرتها، فكنت أعبر من مطعم أبو ناصر للحمّص والفلافل وألتقي بصديقاتي الأعزّاء، وهل عليّ أن أذكر كيف كان أبي يفاجئنا برحلاتٍ حول بلدي، بحيث كنت أشاهد من نافذة السّيارة الطّيور الزّاهية بألوانها المذهلة، أو أشجار البرتقال والخوخ اللّذيذ، أو رائحة الياسمين الّتي تملأ الشّارع بعطرها المميّز عن باقي الأزهار. بالفعل كانت أحلى أيّام حياتنا لولا أنّ أعداءك زجّوني بعيدًا يا وطني، أقسم أنّي لن أسمح لنفسي أن أغادرك خلف آثار أقدامي!
يومًا ما عائدة إليك… إليك يا وطني.