في خضم ما تواجهه الإنسانية من أزمات في جميع القطاعات نتيجة تفشي وباء فيروس كورونا المستجد.
تعد أزمة قطاع التعليم أبرزها وأكثرها حساسية وتأثيرا على الأجيال القادمة، وفي ظل الوضع الوبائي الراهن يعد التعليم عن بعد هو الخيار الوحيد والأنسب لاستمرار العملية التعليمية، نتيجة لصعوبة ضمان التزام الطلبة في المدارس بكافة إجراءات السلامة و الوقاية، و يعود ذلك لصغر سنهم وعدم إدراكهم لخطورة الإصابة بمثل هذا الوباء، و استحالة تطبيق التباعد الاجتماعي و ارتداء الكمامات طوال الدوام المدرسي، كما أن إصابة طالب واحد تعني إصابة عدد كبير من طلاب وموظفي المؤسسة التعليمية، بالإضافة إلى عائلاتهم، أي عدد مهول من المصابين يفوق القدرة الاستيعابية للقطاع الصحي الأردني، وهو ما نتحمل عواقبه حاليا بعد أن فتحت الحكومة الأردنية المدارس في بداية العام الدراسي و اعتمدت على وعي الشعب الذي لا وجود له.
لذلك يعد التعليم عن بعد هو الخيار الأنسب في مثل هذه الظروف، و لكن هذا لا ينفي إدراكي لوجود سلبيات عديدة للتعلم عن بعد، أبرزها عدم توفر أجهزة إلكترونية و شبكات إنترنت لجميع الطلبة، و افتقار المؤسسات التعليمية لأساليب تحد من ظاهرة الغش، و لكن أعتقد أنه من الطبيعي وجود سلبيات و إيجابيات لأي نظام تعليمي مستجد، و خاصة أنه طبق للمرة الأولى كاستجابة للجائحة المفاجئة، أي لم يتسنى للمؤسسات التعليمية الفرصة للتخطيط الدقيق لمثل هذه التجربة، والحل هو إيجاد أساليب لتطوير التعليم عن بعد و حل مشاكله، لا اللجوء للعودة إلى المدارس، وهو ما باشرت به الحكومة الأردنية من خلال إطلاق قناة ( درسك ) لبث المواد التعليمية للطلبة الذين لا يملكون اتصال دائم بالإنترنت.
و لعل من أبرز أسباب فشل التجربة الأولى للتعلم عن بعد هو استهتار الطلبة وأولياء الأمور، واعتبار التعلم عن بعد فترة راحة من التعلم لا أكثر، لذلك يجب على أولياء الأمور مساعدة الطلبة على التأقلم مع التعلم الإلكتروني، وتشجيعهم على الدراسة للاستفادة من المعلومات، لا لتفريغها في الامتحانات، والتركيز على إيجابياته لرفع معنوياتهم، أبرزها وجود متسع أكبر من الوقت لدى الطلبة، و توافر المواد التعليمية على شكل حصص مسجلة.
نهاية، التعلم عن بعد هو تجربة جديدة لجميع الطلبة والمعلمين حول العالم، و من الطبيعي مواجهة صعوبات للتأقلم معه، و لكنه الخيار الوحيد حاليا، لأن العودة للمدارس برأيي عملية انتحارية بحتة.