شهرزاد
زهراء الفرهود
ديسمبر 30, 2021
2.7
(7)
شهرزاد

كانت الشّمس تستيقظ من نومها وتنير العالم بأكملِه، ولكن تلك الشّمس كانت بخيلة معي!لم تُنر بضوئها يوما من أيّامي، ولن تمنحني فرصة لحياة جديدة… لقد تدمّرت طموحاتها، وتهدّمت أحلامها، ولمتجفّ دمعة عينها، ولم يستقرّ قلبها…هكذا كانت حياة شهرزاد…

قبل ذلك القرار القاسي، كانت شهرزاد فتاة لم تبلغ السّابعة عشر من عمرها، تلعب في الحديقة مع أختها الصّغيرة، كانَ شعرها الذّهبيّ اللاّمع يتموّج مع الهواء الطّلق، عندما تركض كان يلاحق خيالها، وعندما تقف كان يثبت مثلها. وكانت عيناها لامعتان كبريق السّيف، يغرزان خنجر في قلب كلّ رجل.

 كانت تهتمّ لدراستها ونتائجها، رغم أنّها تدرك أنّها لن تعمل بسبب المستوى الفكريّ والجهل في أسرتها. ولكن لم تتوقّع أنّها ستسمع يوماً لوالديها يتحدّثان عن قرار جديد، فقد قرّرا أن يزوّجوا شهرزادلابن عمّها الّذي يكبرها بعشرين سنة. فعندما سمعت هذا الخبر، فزعت وذهبت لتتكلّم مع والديها. رفضت شهرزاد هذا القرار، ولكنّهما قَد صمّما وقرّرا منذ فترة طويلة: فقالا لها أنّهما بحاجة إلى المال، وأنّ زوجها المستقبليّ سوف يصرف عليها وعلى أسرتها ويغنيهم من هذا الفقر.

بعد شهرين، جهّزت الأمّ أمور العرس والزّينة المتواضعة. خيّطت الفستان لابنتها، كان بسيطا وجميلا، ذهبت وعلّقته في غرفتها ولكن لن تجدها في الغرفة، فظنّت أنّها تستحمّ قبل وصول العريس. بعد نصف ساعة، حضر العريس وأهله وذهبت الأمّ لتنادي ابنتها قائلة: ”ما زلت في الحمّام! هيّا أسرعي … لقد وصل العريس.“

لم تسمع الأمّ أيّ صوت، فكّرت: ”ما بك لا تجيبيني؟ اجهزي فوراً“ 

فذهبت وطرقت الباب خلفها بحدّة!

تأخّر الوقت ولم تأتِ العروس لرؤية زوجها، فأتت الأمّ مرّة أخرى إلى ابنتها وقالت: ” ألن يفيد معك الكلام، سأدخل وأساعدك على الخروج من هنا!”

فتحت الأمّ الباب ولم تتوقّع ما رأته، صرخت بصوتٍ مجروح: ”لااااااااا!“

فأتى الأب والأخت مسرعين، كانت الأمّ تبكي وتلطم على الأرض، وابنتها ملقاة في الزّاوية الأخرى، ودمّ وريدها قد ملأ الأرض. واضعة شيئين في حضنها: الأوّل (السّكّينة)، والثّاني(ورقة صغيرة). وقد كتبت في تلك الورقة رسالةتُدمي القلب:

أحبّكم، أنتم أهلي الّذين ربيتموني وكبّرتموني. أحبّك يا أمّي، أحبّك يا أبي. أحبّك يا أختي، ولكن لمأكن أتوقّع أنّ المال أغناكم وتفوّق على حبّكم لابنتكم، فهذا الخبر كان خيبة أمل بالنّسبة لي! كيف أصبحتم هكذا!! أنتم الّذين علمتموني أنّ الغنى هو غنى النّفس والأخلاق، وأنّ المال فقط وسيلة تجلب بعض الأمور ما عدا السّعادة، للأسف تراجعتم عَن كلامكم! وأريد أن أعطي أختي عبرة لن تنساها أبداً: لاتقبلي أن تكوني سلعة تُباع وتشترى لقاء المال!

ما مدى فائدة هذا المقال؟

اضغط على النجمة للتقييم!

معدل التقييم 2.7 / 5. عدد الأصوات: 7

لا يوجد تقييم حتى الآن! كن أول من يقيم هذا المقال.

أحدث المقالات